نذر العولمة - pdf

نذر العولمة
يقف الدكتور عبد الحي زلوم ؛ عارضا سؤالا تعجيزيا للكثير من الحكومات وأصحاب السطوة المالية التي يستندون عليها أمام السؤال الذي يطرحه المؤلف ( هل يستطيع العالم أن يقول لا للرأسمالية المعلوماتية ) ؟ والذي من المؤكد جدا في هذه العقود الزمنية ليس هنالك من يتجرأ على أن يقول ( لا ) خاصة بعد أن أختصر المؤلف كافة صفحات الكتاب الذي يشتمل على (400 ) صفحه متكاملة ومترابطة و أدخل بينها مجموعة كبيرة من الحوادث المالية والسياسية التي أسقطت حكومات وأصحاب نفوذ مالية كثيرة بعد أن قالوا ( لا ) للرأسمالية المعلوماتية والتي شملت معظم صفحات كتاب الدكتور عبد الحي زلوم . الأمر الذي جعلنا أن نقول : ليس هنالك من يستطيع الوقوف أما هذه الحركة العولمية الجارفة ؛ وليس السياسية التطبيقية كما عرضها الدكتور زلوم في كتابه هذا ؛ خاصة بعد أن كانت رؤيا العولمة وليدة دراسات ( السلام والحرب ) التي تمت خلال الحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة الأمريكية . ولقد تم إيجاد الأمم المتحدة ومؤسسات بريتون وودز ومنها صندوق النقد الدولي كأدوات لتنفيذ هذا النظام .
وبعد انبعاج الاتحاد السوفيتي من الداخل والتقدم الهائل في مجال الاتصالات والمعلومات ؛ بدأت الولايات المتحدة بفرض نظامها الرأسمالي الأنجلو أمريكي على العالم دونما هوادة وقد أستعمل تآلف أصحاب الأموال العالمية مع حكومة الولايات المتحدة والشركات عبر القطرية والمؤسسات المالية كوسيلة للهيمنة على الدول الأخرى ؛ مستندين إلى ذراع الولايات المتحدة الطولى عند اللزوم . وما صندوق النقد الدولي سوى إحدى هذه الأدوات .
ولقد خلق نمط الرأسمالية الانجلو أمريكية عالما ثالثا في كل بلدان العالم ؛ حتى داخل الولايات المتحدة والدول الرأسمالية الغربية الأخرى .. كما خلقت في كافة البلدان تفاوتا هائلا بالثروة في كل مجتمع . ففي الولايات المتحدة يمتلك واحد بالمائة من سكانها حوالي 50% من مجموع الثروة ؛ بينما يمتلك ( 80%) من السكان أقل من ( 8% ) من تلك الثروة ؛ وإن هذا النمط الاقتصادي غير العادل يتم تصديره للعالم عبر العولمة .
إن الطبقة الواحد بالمائة في كل مجتمع هي عبر قطرية الولاء ويتشارك أصحابها القيم والمباديء والمصالح بما هو أكثر بكثير مما يشاركون البقية الباقية من أبناء أوطانهم .
وبمزج قوة المال مع قوة الأعلام استطاعت طبقة الواحد بالمائة أن تختطف الديموقراطية وتفرغها من محتواها ؛ وتبدلها بديموقراطية ميكانيكية تحافظ على الشكل دون المحتوى .
ولقد ارتقى أهل النظام المعلوماتي الأنجلو أمريكي - بالمادية والنمو الاقتصادي ليجعلا منه دينا ما أنزل الله به من سلطان ؛ وبدلا من أن يسخر النمو لخدمة المجتمع ؛ سخر المجتمع لخدمة النمو ؛ وجير ذلك إلى طبقة الواحد بالمائة . إن نظام آخر يجمع بين النمو والعدل والأخلاق قد أصبح مطلبا عالميا وفي عالم القرية الصغير فإن البحث عنه يجب أن يكون عالميا ..
في سنة 1997 يضرب الدولار الأمريكي كل دول النمور الآسوية والتي بسببها أسقط نظام الرئيس الأندنوسي سوهارتوا الذي تسلم السلطة في بلاده في الستينات بمساعدة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من خلال انقلاب مسلح شهد مجازر أتت على ما يتراوح مليون ونصف المليون أندنوسي أتهم بعضهم بالشيوعية والبعض الآخر من كانوا في الحياد الايجابي ومن مؤيدي الرئيس المخلوع احمد سوكارنو الذي أثر الوقوف في الحرب الباردة والذي يعتقد أن النمط الغربي والأمريكي أدنى درجة من الديموقراطية التي يؤمن بها ؛ وسقط الرئيس سوهارتو بعد رفضه القروض التي تقدم بها صندوق النقد الدولي الذي يجعل من حكومة اندنوسيا هرما هلاميا لا يستطيع إدارة العمل المركزي بعد التوقيع على هذه القروض التي تصب منافعها في ميزانية الواحد بالمائة .. وأمام كل هذه العروض الرأسمالية المخيفة والحوادث والكوارث التي أدت إلى سقوط أصحاب السطوة المالية والحكومات التي جاءت بها ديموقراطية الولايات المتحدة ومؤسسات بيرتون وودز من يستطيع أن يقول لا للرأسمالية المعلوماتية ..؟