كتاب "ابستمولوجيا علم الاجتماع من منظور اسلام المعرفة `دراسة في سوسيولوجيا. نظرية المعرفة بين النموذج الغربي والنموذج والاسلامي`"
كتاب "ابستمولوجيا علم الاجتماع من منظور اسلام المعرفة `دراسة في سوسيولوجيا. نظرية المعرفة بين النموذج الغربي والنموذج والاسلامي`"
كتاب "ابستمولوجيا علم الاجتماع من منظور اسلام المعرفة `دراسة في سوسيولوجيا. نظرية المعرفة بين النموذج الغربي والنموذج والاسلامي`"
مقدمة:
من يمعن النظر في العلوم الاجتماعية عموما وبعلم الاجتماع
خصوصاً ، يجد أن هذه العلوم تعتريها إشكالات جمة، سواء في جوانبها المنهجية أو أطرها النظرية أو تطبيقاتها العملية، وقد حدثت لعلم الاجتماع عدة مراجعات سواء على مستوى النظرية أو على مستوى الجوانب التطبيقية، فالمعلوم أنه قد بدأ موسوعيا على يد کونت، ثم حدثث مجالاته بصورة أكثر دقة على يد دوركايم الذي وضع له قواعد منهجية في كتابه ( قواعد المنهج في علم الاجتماع )، وسادت عليه في فترة من فتراته الأولى النزعة التطورية ذات الخط الواحد، وعمليات المسائلة العضوية، ثم الوظيفية والبنائية الوظيفية ونظريات الفعل الاجتماعي.... الخ، وتعـدنت مدارسه واتجاهاته الفكرية، كما ساد خلاف كبير بين علم الاجتماع الغربي المحافظ وعلم الاجتماع الراديكالي والذي تبناء الاشتراكيون إبان الثورة الشيوعية.
وقد جابـه علماء الاجتماع المسلمون هذه الاختلافات
والإشكالات التي اعترت علم الاجتماع، علاوة على الاختلاف
المحوري بين المرتكزات والمحددات المنهجية التي أرتكز عليها علم الاجتماع بكل اتجاهاته ومدارسه المختلفة، والتي تنبني على الفلسفة الوضعية ومنهجيتها ونظامها المعرفي المنبثق عنها، وتلك المنهجية تعمل على فصل الدين عن العلم كما تؤسس لبناء علم يقوم على التجريب والمشاهدة فقط، خلافا لما يقوم عليه العلم الإسلامي من ربط بينهما.
وهذا الاختلاف المحوري كان يحسه عالم الاجتماع المسلم
خصوصا فيما يتعارض مع معتقداته رئيسه، وما يصبو إليه من نفع العلم وأهدافه وغاياته في إطار المنظور الإسلامي، وهو ما لا يجده في علم الاجتماع بصورته الآنية، وقد كان هذا دافعا لبعض علماء الاجتماع المسلمين إلى أن يجتهدوا في القيام بمحاولات لبناء علم الاجتماع تلتقي فيه هذه الإشكالات، ويحقق ما يصبون إليه ويخلق توازنا نفسيا لهم بينما يعتقدون وما يعلمون من أضرب هذا العلم .
وقد برزت عدة دعاوى يقوم بعضها على شقية علم الاجتماع
من ما يتعارض مع الذين وبعضها الآخر يسعى إلى إنشاء على
اجتماع يعني بالمجتمعات المسلمة، إلا أن هذه المحاولات ، مع جدية من قاموا بها وحرصهم لم تستطع أن تؤسس أبناء أطر نظرية تخرج بعلم الاجتماع عن الأطر الفلسفية العامة للفلسفة الوضعية ونظامها المعرفي، ولعل ذلك مرده أن هذه المحاولات بدأت دون أن تكون هناك محددات عامة لبناء منهجية إسلامية للعلوم سواء في جوانبها الاجتماعية أو الطبيعية، و هذا ما أدى إلى الخلط وعدم وضوح الرؤية، وهذه الدراسة سوف تكون محاولة أوضع محددات منهجية وبناء أطر نظرية لعلم الاجتماع وفقا للقواعد العامة لقضية إسلام المعرفة ومحدداتها المنهجية وخطة عملها التي التزمتها لإسلام العلـوم.
ووضوح الرؤية لعملية الأسلمة يتطلب معرفة المرجعيات الفلسفية التي يرتكز عليها النظام المعرفي في النموذج الوضعي والمحددات المنهجية والأطر النظرية المنبثقة عنه، ومن ثم تلس القواعد العامة للنظام المعرفي في النموذج المنطلق من قضية إسلام المعرفة، حتى تستبين رؤية واضحة المعالم لقيام بدين معرفي ترتكز عليه هذه المحددات المنهجية والأطر النظرية.