تحميل كتاب جـورج لوكاكش تحطيم العقل الجزء الرابع : السـوسـيـولـوجيا الألمانية ، الداروينية الاجتماعية والعرقية والفاشية لا عقلانية ما بعد الحرب
تحميل كتاب جـورج لوكاكش تحطيم العقل
الجزء الرابع : السـوسـيـولـوجيا الألمانية ، الداروينية الاجتماعية والعرقية والفاشية لا عقلانية ما بعد الحرب . ترجمة الياس مرقص
دار الحقيقة للطباعة والنشر في بيروت
تحميل كتاب تحطيم العقل جـورج لوكاكش PDF
الجزء الرابع : السـوسـيـولـوجيا الألمانية ، الداروينية الاجتماعية والعرقية والفاشية لا عقلانية ما بعد الحرب
ترجمة الياس مرقص
دار الحقيقة للطباعة والنشر في بيروت.
الفصل السادس :
السوسيولوجيا الألمانية في الطور الأمبريالي
I مولد السوسيولوجيا:
السوسيولوجيا ، كميدان مستقل ، تظهر في أنكلترة وفرنسـا بعـد الحـلال الاقتصاد السياسي الكلاسيكي والاشتراكية الطوباوية . إن هذين الذهبين ، شاملين مجموع الحياة الاجتماعية ، كانا ، كل بطريقته ، قد تطرقا الى جميع معضلات المجتمع الجوهرية ، رابطين إياهـا بالمسائل الاقتصادية التي تكيفها .
لئن ظهرت السوسيولوجيا كميدان مستقل ، فلأنهم بدأوا يعالجون معضلات المجتمع مع إغفال قاعدته الاقتصادية . إن تأكيد استقلال المسائل الاجتماعية عن المسائل الاقتصادية يؤلف إذا ، تحت حيثية الطريقة ، نقطة انطلاق السوسيولوجيا . البرجوازي( والتي تجلي بوضوح الركيزة الاجتماعي است القطع الحاصل على هذا النحو مرتبط بالأزمات العميقة التي يجتازها آنذاك الاقتصاد السياسي ستكون ركيزة علم السوسيولوجيا ) : من جهة ، انحلال مدرسة ريكاردو في انكلترة ، حيث يباشرون استخلاص نتائج اشتراكية من نظرية « القيمة - الشغل ، التي أنضجها الكلاسيكيون .
ومن جهة أخرى ، انحلال الاشتراكية الطوباوية في فرنسا ، الذي يبدأ بالمحاولات الأولى ، التي ، أجل ، لا تزال تتلمس طريقها ، من أجل اكتشاف ، داخل الواقع الاجتماعي نفسه ، السبيل المؤدي الى الاشتراكية ، وهو السبيل الذي لم يكن لا سان ـ سيمون ولا فورييه قد استكشفاه بعد. مع هاتين الأزمتين ، وأكثر أيضاً مع الحل الذي أتى به الى كلتيها ميلاد المادية التاريخية والاقتصاد السياسي الماركسي ، يكف الاقتصاد السياسي البرجوازي عن الوجود بالمعنى الذي كان يعنيه الكلاسيكيون ، أي كعلم أساسي لمعرفة المجتمع . يظهر عندثل في أحد القطبين الاقتصـاد السياسي المبتلل للبرجوازية ، الذي لا يلبث أن يعقبه الاقتصاد المدعو الاقتصاد الذاتي، ، ميداناً خاصاً ، عالي التخصص ، ذا حدود فاصلة وحاصرة ، يتخلى مباشرة عن تعليل الظاهرات الاجتماعية ،
معتبراً مهمته الجوهرية إزالة مسألة فضل ـ القيمة من العلم الاقتصادي ، وفي القطب الآخر علم إنساني لا رابط له مع الاقتصاد : السوسيولوجيا ، و علم الاجتماع ، .
صحيح ، مع ذلك ، أن السوسيولوجيا في الأصل زعمت وأرادت أن تكون هي أيضاً عليا كلياً
للمجتمع ( كونت ، هربرت سبنسر ) . لذا فهي ، إذ تكف عن البحث عن أسسها في الاقتصـاد ، ستحاول العثور عليها في علوم الطبيعة . إلا أن هذه المسيرة هي أيضـاً وثيقـة الارتباط بتطـور العـلـم الاقتصادي ـ التطور المحدد اجتماعياً : كان هيغل ( ومعاصروه لا يكادون يفهمونه ) قد اكتشف داخل
المقولات الاقتصادية مبدأ التناقض ، فوريه يجلو طبيعة الاقتصاد السياسي المتناقضة . مع انحلال مدرسة ريكاردو ، وأيضاً عند برودون ، هذا الطابع المتناقض يظهر بوصفه المعضلة المركزية لكل الاقتصاد السياسي ( مها خاطئة كانت الأجوبة المعطاة لهذه المعضلة ) . ماركس أخيراً يكتشف القوانين الجدلية التي تحكم الاقتصاد . لئن كانوا بالتالي يفكرون بالعثور في علوم الطبيعة على أساس للسوسيولوجيا كعلم كلي ، فهذا لأنهم يريدون أن يستبعدوا من جسمها للذهبي مع العلم الاقتصادي كل اعتراف بالطابع للتناقض للواقع الاجتماعي ، أي كل نقدر أساسي للمنظومة الرأسمالية . لا ريب ، تبقى السوسيولوجيا في بداياتها ، خصوصاً عند مؤسسيها ، على منظور تقدم اجتماعي . بل إحدى نواياها الرئيسية هي البرهنة علميا على هذا التقدم . إلا أنه هو التقـدم كما تستطيع ان تتصـوره البرجوازية في بداية انحدارهـا الأيديولوجي ، التقدم الذي يصب على مجتمع رأسمالي ممثلن ، يستحضر بوصفه أوج التطور الانساني .
منذ زمـن كـونـت ( بـدون الكلام عن سبنسر ) ، صار مثل هذا البرهان مستحيلاً بوسائل العلـم الاقتصادي . يكتفى إذا بالتاريخ الطبيعي ، المطبق على المجتمع بالمشابهة ، والمستخدم في كثير أو قليل كأسطورة .
بيد أن السوسيولوجيا لن تُبقي طويلا طابعها كعلم كلي ، وذلك بالضبط بسبب ارتباطها الأصلي مع فكرة التقدم . تابعة تطور البرجوازية العام ، الاقتصادي والسياسي ، ستحول . التاريخ الطبيعي - وبخاصة البيولوجيا ـ الذي اختارته كأساس سيصير نواة إيديولوجية وطريقة مناهضتين للتقـدم ، بل
رجعيتين . مذ ذاك ، تتوجه السوسيولوجيا جوهرياً نحو تنقيبات متخصصة . تصير علا خصوصياً ، يكاد لا يمس بعد الآن المسائل الكبرى المتصلة ببنية وتطور المجتمع . لا يعود بإمكانها أن تؤدي المهمة التي كانت حددتها لنفسها أصلاً ، وأن تبين ـ بوسائل غير الاقتصاد ، الذي بات عاجزاً عن ذلك ـ الجوهر التقدمي للمجتمع البرجوازي ، بغية الدفاع عنه إيديولوجيا ضد الرجعية الاقطاعية وضد الاشتراكية .
بتحولها ، شأنها شأن الاقتصاد السياسي الخ ، الى علم خاص وثيق التخصص ، ترى نفسها معطاة ، كغيرها من العلوم الاجتماعية الخاصة سواء بسواء ، مهات يشرطها تقسيم الشغل في المجتمع الرأسمالي .