علم الاجتماع وفلسفة الخيال - مقاربة المعقول واللامعقول - في منطق اللعب والكذب PDF
تحميل كتاب علم الاجتماع وفلسفة الخيال PDF
- مقاربة المعقول واللامعقول - في منطق اللعب والكذب
- خليل أحمد خليل أستاذ في الجامعة اللبنانية دار الفكر اللبناني بيروت
علم الاجتماع وفلسفة الخيال
- مقاربة المعقول واللامعقول -
في منطق اللعب والكذب -
خليل أحمد خليل
أستاذ في الجامعة اللبنانية
دار الفكر اللبناني بيروت
استهلال عام:
أطروحة الإنسان الخيالي:
في هذا الكتاب، المتمم بنحو جزئي لكتابنا «العقل في الإسلام» (*) » أطروحة مستنبطة من هوامشه، ومرفوعة إلى مستوى القضية الفلسفية ـ العلمية : أطروحة الإنسان الخيالي. لقد تكاثرت توصيفات الإنسان وتعريفاته، حتى كاد يحتاج إلى خيال يتخيل به نفسه ومحيطه المعرفي وقضاء الحيوي.
إلا أن الخيال، وهو قوة العقل في تصور كل شيء، وربط الأشياء ببعضها، واستخراج المعقول من اللامعقول أو العكس، لم يقدم فلسفياً بوصفه المميز الأدق للإنسان في كل عصر. فهذا المستحدث من جماد في فلسفة الطبيعة، ومن نقود في فلسفة الجوع أو الاستهلاك، ومن روح في فلسفة الموت ودياناتها، إنما هو منتج خيالي، يستحدث لنفسه ما يشاء من خيلات تناسب مصالحه ورغباته وحاجاته، وتواكب الأحداث التاريخية - المعرفية لهذا الأكل - العاقل، وغير العاقل، في أن.
فالإنسان، عندنا، حي يستحدث بخياله المعرفي ما يشاء، فهو بهذا المعنى مخيث، منتج أحداث، صانع مراوية(**) (بانوراما) أو منظارية تمكنه دوما من الذهاب إلى اللامتناهي، بقوة خياله العقلي اللامتناهي أيضاً . إنه تحدث عندما ينتج بخياله ما يحلو لشخصه أي شبعه أو ظله الآخر .
(۰) منشورات دار الطليعة، بيروت 1993.
(**) ئيسة إلى مرأى، وما يرى ، إبتكار عبد الله العلايلي . (ملحظ شفري) .
وهو محدث أو مستحدث عندما يستهلك بخياله ما تقدم له العقول الأخرى من خيلات (Images) مركزة، مصورة، مكتوبة، مموسقة، متحركة، صامتة ؛ تتخذ شكل الكلمات أو الأصوات أو الشخوص أو السلع والأغراض. ينتج خياله أو ظله أو قرينه ؛ ويفقده عندما لا يعود ينتجه، فيغدو ضيقا «عقليا، على مادب (موالد أو ولائم) الآخرين، الأكثر خيالا، الأكثر توغلا في خفايا لعبة المعقول واللامعقول.
في كل حال، الإنسان الخيالي هو اللاعب بعقله أو بروحه، بهذا الخفي «الشاطر»، و «المنشطر» في آن، بين ما يرى وما لا يرى، ما يفعل ولا يفعل، ما يأكل وما لا يأكل، ما يرغب فيه وما يرغب عنه.
الإنسان الخيالي هو إنسان نوعي وتنوعي معاً: فهو النوع الوحيد بين كائنات الأرض الذي يدعي اصطناع نفسه بنفسه، لنفسه ولسواء في حال التبادل؛ وهو تنوعي في اصطناع نفسه من خيال، وفي تبادلها مع آخرين بخيال، تبادلاً مخيولا، مركزاً ومرئما، محسوباً ولا محسويا، معقولاً ولا معقولاً ... مع آخرين، لاعبين بخيالهم؛ لاعبين أكثر خيالاً، أقل خيالا، أنداداً في خيال، يفترض أنه مشترك. والمسافة الراهنة بين حضارات النوع البشري هي تباينات، فوارق في قوة الخيال العقلي.
فالأكثر تقدما، الآن، هم الأكثر خيالا، الأكثر اختراقاً بالخيال للمجهول واللامعقول، الذين يقلبونه بالصناعة إلى معلوم ومعقول، متناسبين مع حاجات الخائل أو المتخيل، والآخر الذي يقل خيالا، أو ينقصه الخيال، هو المتخلف، المشركح عن منصة إطلاق الخيال العقلي المعاصر.
أليست فكـرويـات (إيفيولوجيات) عصرنا من بنات خيال افراد، استفردوا بجماعات بشرية ، وقيدوها في مربع سحري، فيثاغوري جديد؟ إن تقسيم الناس، بالخيال، إلى أهل علم وأهل طوبى، هو من صنيع المكر الخيالي ذاته.
فما معنى الكلام الجدالي، على «أهل المعقول، في شطر من الأرض، فيما هو الأكثر خيالاً ؛ وعلى أهل اللامعقول»، في شطري الأرض، فيما هم الأقل خيالاً، والأكثر عبادة وتقيداً بخيال أسلافهم من كل سكان المعمورة القديمة؟ .